الألم العضلي الليفي

اضطرابات النوم المرتبطة بالـ فيبروميالجيا: لماذا لا ينام المصابين بالألم العضلي الليفي بشكل طبيعي

يعد النوم الجيد ليس رفاهية فحسب ، بل هو ضرورة حيوية لاستعادة طاقة الجسم وتجديد خلاياه ،  بشكل دوري ، ولكن بالنسبة للمصابين بمرض الفيبروميالجيا أو متلازمة الألم العضلي الليفي يتحول النوم إلى عبارة عن معركة يومية، يعاني حوالي 90% من المصابين بالـ فيبروميالغيا من اضطرابات النوم المزمنة، والتي تشمل صعوبة النوم أو الاستمرار فيه، والنوم غير المريح وغير المنعش، وهو ما يزيد من الشعور بالتعب والإرهاق حتى بعد ساعات نوم طويلة ، حيث تعود تلك الاضطرابات إلى مزيج معقد من العوامل، مثل الآلام المزمنة التي تمنع الاسترخاء ، والقلق والاكتئاب الناتجان عن المعاناة المستمرة ، وزيادة الحساسية العصبية تجاه الأصوات أو اللمس أو الضوء ، بالإضافة إلى اضطرابات نوم مرافقة مثل متلازمة تململ الساقين وانقطاع التنفس أثناء النوم ، كما تساهم العوامل البيوكيميائية في تفاقم تلك المشكلة، كـ انخفاض مستويات السيروتونين، وهو الناقل العصبي المسؤول عن المزاج والنوم،فى السطور التالية سوف نناقش بالتفصيل أنواع اضطرابات النوم الشائعة في الفيبروميالجيا، وأسبابها ، وتأثيرها على حياة المريض، وأهم طرق التعامل معها ، فتابعوا القراءة فضلاً .

 

الفايبروميالجيا

أنواع اضطرابات النوم الشائعة في الفيبروميالجيا

هناك عدد من الاضطرابات المختلفة الخاصة بالنوم الشائعة بمرض متلازمة الألم العضلي الليفي ، ومنها :

النوم غير المريح وغير الكافي

النوم غير الكافي أو Non-Restorative Sleep من أكثر مظاهر اضطرابات النوم الخاص بمرض الفيبروميالجيا ، وهذا ما يعرف بـ النوم غير المرمم، أي أن الجسم لا يحصل خلاله على المراحل العميقة من النوم N3 المسؤولة عن الشفاء العضلي والتوازن الهرموني ، حتى لو نام المريض 8 ساعات، فانه يستيقظ وهو يشعر بالتعب والدوخة وضباب الدماغ، نظراً لأن المخ لم يدخل في مرحلة النوم العميق الكافية لاستعادة الطاقة من جديد .

النوم المتقطع والسطحي

بشكل عام يلاحظ في الفايبروميالجيا أن النوم يكون سطحيًا جدًا، حيث لا يستطيع المخ الحفاظ على موجات النوم البطيئة، ويحدث استيقاظ متكرر نتيجة أعراض الألم أو الحركة أو حتى الأصوات الخفيفة ، وهذا النوم المتقطع يؤدي إلى إجهاد عصبي مزمن، ويزيد من شدة الألم وحساسية الجهاز العصبي بمرور الوقت.

الأرق

يعتبر الأرق أو Insomnia من أبرز اضطرابات النوم التي يعاني منها مرضى الفيبروميالجيا، ويظهر في صورة صعوبة في البدء بالنوم بالرغم الشعور بالتعب ، والاستيقاظ المتكرر خلال فترات الليل ، وعدم القدرة على العودة للنوم بسهولة بعد الاستيقاظ ، وينتج الأرق غالبًا عن الألم المستمر والقلق العصبي، وهو من أكثر العوامل التي تُضعف جودة الحياة اليومية وتزيد من الإحساس بالإجهاد المستمر .

متلازمة تململ الساقين

تُعد متلازمة تململ الساقين أو RLS من الاضطرابات الشائعة لدى مرضى الفيبروميالجيا، ينتج عنها عدة أعراض مثل  الإحساس المزعج بالوخز أو الزحف أو النغز في الأطراف السفلية ، أو رغبة قوية لا إرادية في تحريك الساقين، خاصة عند الاستلقاء أو قبل وقت النوم ، حيث تؤدي تلك الحالة إلى صعوبة في الاسترخاء والدخول في النوم، وتزيد من الإرهاق الليلي وتقلل جودة النوم الإجمالية.

انقطاع النفس الانسدادي النومي

يصاب بعض مرضى الفيبروميالجيا بـ انقطاع النفس الانسدادي النومي أو Obstructive Sleep Apnea ، وهو عبارة عن اضطراب يتسبب في انخفاض مستوى الأكسجين في الدم ، وتوقف مؤقت للتنفس أثناء النوم ، و استيقاظ متكرر دون وعي كامل ، وذلك يؤدي إلى تعب شديد في النهار، و صداع صباحي، وضعف في التركيز، وهو ما يفاقم من أعراض الفيبروميالجيا الأخرى مثل مشكلة الضباب الدماغي.



ما هي أسباب اضطرابات النوم في الفيبروميالجيا

هناك عدد من الأسباب التى تؤدى الى مشاكل فى النوم لمرضى متلازمة الألم العضلي الليفي ، مثل الاتى : 

الألم المتتالي المستمر

يعد الألم المزمن حجر الأساس في اضطرابات النوم لدى مرضى الفايبروميالجيا ، لأن الإحساس بالألم في المفاصل والعضلات يمنع الشعور بالاسترخاء، ويجعل الجسم في حالة استعداد دائم، وهو ما يعيق الدخول في مراحل النوم العميقة ، كما أن الألم المتكرر يؤدي إلى تفعيل الجهاز العصبي الودي أو Sympathetic Nervous System ، وهو المسؤول عن الاستجابة للضغط ، مما يبقي الجسم في حالة يقظة متقطعة حتى فى فترات النوم.

التحسس المركزي العصبي

يعاني مرضى الفيبروميالجيا من زيادة مفرطة في حساسية الجهاز العصبي المركزي ، وهي ظاهرة تعرف بـ التحسس المركزي أو أو Central Sensitization ، وهى تجعل المخ يفسر المنبهات العادية كإشارات ألم ، وهذا التحسس يشمل أيضًا الضوضاء والضوء والحرارة، وهو ما يجعل المريض أكثر عرضة للاستيقاظ لأبسط المؤثرات.

القلق والاكتئاب

ترتبط متلازمة الفيبروميالجيا غالبًا باضطرابات المزاج مثل القلق والاكتئاب، واللذان يؤثران سلبًا على جودة النوم بالشكل المطلوب ، حيث ان الاكتئاب يؤدي إلى اضطراب إفراز السيروتونين والميلاتونين، وهما هرموني السعادة والنوم، بينما يسبب القلق نشاطًا مفرطًا في الجهاز العصبي يمنع الاستغراق في النوم ، وهذه الحلقة المفرغة تجعل المريض يدور بين ألم، ارق، توتر، ثم مزيد من الألم والإرهاق .

التغيرات الفسيولوجية والهرمونية

أظهرت الدراسات وجود نقص في هرمون النمو أثناء النوم العميق لدى مرضى الفيبروميالجيا، وهو ما يؤثر على تجديد الأنسجة العضلية والشعور بالانتعاش ، كما يُلاحظ انخفاض ملحوظ في مستويات السيروتونين، مما ينعكس سلبًا على المزاج والاسترخاء ، أيضًا، الخلل في محور الوطاء و الغدة النخامية والكظرية HPA Axis ، يؤدي إلى اضطرابات في إفراز الكورتيزول، فيبقى الجسم في حالة توتر مزمن تمنع النوم الهادئ.



تأثير اضطرابات النوم على مرضى الفيبروميالجيا

من أكثر سلبيات اضطرابات النوم على مرضى متلازمة الألم العضلي الليفي انها تزيد من أعراض ومشاكل المريض بشكل ملحوظ ، مثل :

زيادة التعب والإرهاق خلال فترات النهار

حتى بعد قضاء ساعات طويلة بالفراش، يستيقظ المريض وهو يشعر بإرهاق يشبه السهر المستمر ، حيث ان هذا التعب المزمن يقلل الإنتاجية، ويؤثر على الحالة المزاجية بشكل ملحوظ ، ويضعف القدرة على أداء الأنشطة اليومية البسيطة.

زيادة وتفاقم الأعراض الجسدية والدماغية

الحرمان من النوم يؤدي إلى زيادة حدة الألم، وارتفاع مستويات الالتهاب العصبي، وزيادة مشكلة الضباب الدماغي، وهو ما يجعل المريض يعاني من صعوبة في التركيز والتذكر، كما أن قلة النوم ترفع من معدلات الكورتيزول وتقلل السيروتونين، ما يفاقم الاكتئاب والقلق، ويزيد حساسية الجسم للألم.



فيبروميالجيا

الحلول والتعامل مع مشكلة اضطرابات النوم

التواصل مع الطبيب

أول خطوة لابد من اتخاذها هي استشارة طبيب مختص في الألم أو النوم، لتحديد نوع الاضطراب بدقة ووضع خطة علاج شاملة ، فقد يطلب الطبيب فحوصات النوم أو Sleep Study لتقييم جودة النوم واكتشاف وجود اضطرابات مثل انقطاع النفس أو التململ الليلي.

العلاج الدوائي وغير الدوائي

تحسين جودة النوم يعد جزءًا أساسيًا من علاج الفيبروميالجيا، وتشمل الخيارات التالية :

  • الأدوية المنظمة للنوم كـ الميلاتونين أو مضادات الاكتئاب بجرعات منخفضة لتحسين دورة النوم.
  • تمارين الاسترخاء مثل التأمل، التنفس العميق، واليوجا اللطيفة قبل النوم.
  • العلاج السلوكي المعرفي للأرق CBT-I ، وهو من أنجح الأساليب لتصحيح أنماط النوم.
  • تغيير نمط الحياة عبر الالتزام بروتين نوم ثابت، وتجنب الكافيين قبل النوم، وتخصيص بيئة هادئة للنوم.

فكلما تحسّن النوم، انخفضت شدة الألم، وارتفعت الطاقة، وتحسّنت الحالة النفسية بشكل ملحوظ.

 

فى النهاية

فى النهاية اعزائى إن اضطرابات النوم في الفيبروميالجيا ليست مجرد عرض جانبي فحسب ، بل هي جزء جوهري من المرض ذاته للاسف ، فالنوم المتقطع وغير المرمم يُضعف من قدرة الجسم على الشفاء، ويزيد من الإحساس بالألم والتوتر المستمر ، لذلك يجب التعامل مع مشاكل النوم بنفس جدية التعامل مع الألم، والبحث عن حلول متكاملة طبية وسلوكية لاستعادة راحة الجسد والعقل، ننتظر رسائلكم واستفساراتكم عبر رسائل وسائل التواصل الاجتماعي لـ زمردة لمزيد من الدعم الذاتى والنفسي للمرأة .