زمردة

فيبروميالجيا

متى تم اكتشاف الألم العضلي الليفي؟ رحلة مثيرة لفهم مرض الفيبروميالجيا

الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا هو عبارة عن حالة مزمنة تصيب الملايين من الأشخاص حول العالم، بل وتتسبب في آلام منتشرة في عضلات الجسم مع الشعور بـ إرهاق دائم، واضطرابات خاصة بالتركيز و النوم ، وبالرغم من انتشار وشيوع المرض بشكل ملحوظ فى الفترة الحالية ، ولكن اكتشافه قد استغرق وقتاً طويلًا ومليئًا بـ الغموض وسوء الفهم ايضاً ، فى السطور التالية سوف نخوض رحلة زمنية تفصيلية للإجابة عن كل هذه الأسئلة التى تدور فى مخيلتك عن الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا ، بداية من الوصف الأول للحالة في القرن التاسع عشر، حتى الاعتراف الرسمي بها كمرض طبي معتمد في العصر الحديث، وفقًا لأحدث المعايير العلمية ، فتابعوا القراءة أعزائي للمزيد .

 

متى تم اكتشاف الألم العضلي الليفي بشكل رسمى

تم توصيف الفيبروميالجيا  أو الألم العضلي الليفي لأول مرة في القرن التاسع عشر، وتم الاعتراف به كمرض حقيقي خلال الخمسينيات من القرن العشرين ، ولكن مصطلح الفيبروميالغيا  لم يظهر إلا في السبعينات، عندما بدأ الأطباء في تحديد مناطق الألم التي تشخص الحالة ، وفي عام 1990، وضعت الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم ACR أول معايير تشخيص رسمية للمرض، ليصبح الألم العضلي الليفي كيانًا طبيًا معترفًا به بصورة رسمية .

 

الألم العضلي الليفي

بدايات غامضة .. التوصيفات المبكرة في القرن التاسع عشر

يعود تاريخ اكتشاف الفيبروميالجيا إلى القرن التاسع عشر، حين لاحظ الأطباء وجود مرضى يعانون من آلام جسدية منتشرة بدون سبب عضوي واضح ، وكان الطب يعتمد فى هذا التوقيت على الفحص الظاهري فقط ، حيث كان يعتبر العديد أن تلك الحالات مجرد إرهاق عصبي أو هستيريا ليس الا ، ولكن في عام 1913، قدم الطبيب لوف وصفًا دقيقًا لحالات تتفاقم فيها الأعراض مع تغير ضغط الهواء، وهو ما نراه فعلياً اليوم في الفيبروميالجيا، حيث تتأثر الأعراض بعوامل الطقس والضغوط الخارجية ، وهذا الاكتشاف وضع الأساس لفهم أن الألم قد يكون وظيفيًا ناتجًا عن الجهاز العصبي، وليس دائمًا بسبب التهاب أو إصابة عضلية فحسب.

 

فترة الخمسينيات: بداية الاعتراف بـ متلازمة الألم العضلي الليفي

خلال فترة الخمسينيات من القرن العشرين، ظهر مفهوم جديد قدمه الطبيب جراهام الذي تحدث عن وجود متلازمة ألم يعاني فيها المريض من وجع مزمن دون وجود آثار مرض عضوي واضح ، حيث أن هذا التحول في الفكر الطبي ساعد في فصل الألم العضلي الليفي عن الاضطرابات النفسية، ووضع الأساس العلمي لفهم المرض كاضطراب في معالجة الإشارات العصبية في الدماغ ، وفي تلك المرحلة بدأ الأطباء يدركون أن هناك شريحة كبيرة من المرضى تحتاج إلى اعتراف طبي حقيقي، وأن الألم الذي يشعرون به ليس وهميًا، بل هو ناتج عن خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي.

 

بداية ظهور مصطلح الفيبروميالجيا

قبل منتصف السبعينات كان المصطلح الشائع هو التهاب الأنسجة العضلية أو Fibrositis، وهو وصف لم يكن دقيقًا بالشكل الكافي لأنه كان يفترض وجود التهاب ، ولكن في عام 1976، تم استبدال هذا المصطلح رسميًا بـ "الفيبروميالغيا أو Fibromyalgia ، والذي يعني حرفيًا ألم العضلات والألياف ، وفي الحقيقة أن المصطلح الجديد قد عكس حقيقة المرض بدقة أكبر، لأنه لا يشير إلى وجود التهاب بل إلى اضطرابات في إحساس الجسم بالألم.

 

فترة السبعينات: الكشف عن نقاط الألم الأساسية

في السبعينات، لعب كل من الأطباء سميث ومولدوفسكي  دورًا حاسمًا في وصف الفيبروميالغيا سريريًا ، فقد لاحظوا وجود مناطق معينة داخل الجسم تُعرف باسم نقاط الألم أو Tender Points، وهى التي تكون شديدة الحساسية عند الضغط عليها ، وعدد تلك النقاط بلغ 18 نقطة متفرقة في أماكن مختلفة بالجسم مثل الرقبة، وأسفل الظهر ، والكتفين، والركبتين والصدر ، وساعد هذا الاكتشاف الأطباء في تحديد علامات تشخيصية ملموسة للمرض بعد أن كان يعتمد فقط على الوصف العام للأعراض ، كما لاحظ مولدوفسكي ارتباط المرض بـ اضطرابات النوم العميق، وهو ما كشف العلاقة الوثيقة بين النوم، والألم، والتعب المزمن، وهي من السمات الأساسية للفيبروميالجيا الموجودة اليوم.

 

الاعتراف الرسمي بـ الفيبروميالجيا كمرض مستقل حقيقي

بعد مرور سنوات من الجدل وفى عام 1987 أعلنت الجمعية الطبية الأمريكية AMA اعترافها الرسمي بالـ فيبروميالجيا كمرض حقيقي، وليس مجرد اضطراب نفسي أو عرض ثانوي تابع لمرض آخر ، حيث ان كان هذا الاعتراف خطوة تاريخية فتحت الباب أمام تدريب الأطباء على تشخيص الحالة بدقة ، وتوسع الأبحاث الطبية حول هذا المرض ، وإدراج الفيبروميالجيا ضمن المناهج الدراسية والمراجع الطبية ، وهذا القرار مثل تحولًا كبيرًا في نظرة المجتمع الطبي تجاه المرضى، وأزال عنهم وصمة التوهم التي كانت تلاحقهم باستمرار .

 

وضع المعايير التشخيصية الرسمية الأولى

الخطوة الفاصلة فى التشخيص بدأت في عام 1990، عندما طورت الكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم ACR أول معايير تشخيص علمية لمرض الفيبروميالجيا ، حيث تضمنت المعايير التالية كشرطين أساسيين:

  1. أن يكون الألم منتشرًا في جميع أنحاء الجسم لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
  2. وجود حساسية في 11 على الأقل من أصل 18 نقطة ألم عند الفحص اليدوي.

وبهذه الخطوة، أصبح التشخيص أكثر دقة ووضوح ، وتمكن الأطباء من تمييز المرض عن باقي اضطرابات الألم المزمنة كـ التهاب المفاصل أو الاكتئاب الجسدي.

 

تحديث المعايير والتشخيص بشكل شامل

مع تطور التكنولوجيا الملحوظ تم تحديث معايير التشخيص في عام 2010 لتشمل مجموعة أوسع من الأعراض مثل:

  • اضطرابات الذاكرة والتركيز.
  • الإرهاق الشديد.
  • الأرق وصعوبات النوم.
  • الحساسية المفرطة للضوء والضوضاء والبرودة.

وأصبح فى تلك الفترة لم يعد التركيز فقط على نقاط الألم المعتادة ، بل على الصورة الكاملة للحالة، لتقديم تشخيص أكثر إنصافًا وواقعية ، و استخدم العلماء تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي أو fMRI وهى التي قد أثبتت وجود نشاط غير طبيعي في مراكز الألم الخاصة بالدماغ،  وهوما عزز الفهم العلمي للمرض كـ خلل في معالجة الإشارات العصبية.

 

الفايبروميالجيا

كيف أثر الاعتراف الطبي على حالة المرضى

فى الحقيقة قبل هذا الاعتراف كان المرضى يعانون من الشك وسوء الفهم، وغالبًا ما يتم تفسير آلامهم على أنها نفسية ليس أكثر ، ولكن مع اعتماد المعايير الرسمية، أصبح هناك:

  • تشخيص واضح و دقيق.
  • خيارات علاجية متعددة تشمل الأدوية، والعلاج السلوكي، والتأهيل البدني أيضاً .
  • زيادة الوعي المجتمعي بالمرض ودعم نفسي للمصابين.

وفى وقتنا الحالى يتم النظر إلى الفيبروميالجيا على أنها حالة طبية معقدة تحتاج إلى كورس علاجى شامل يشمل العلاج الدوائي، وتحسين جودة النوم، وتقليل التوتر، والتغذية المتوازنة.

 

فى النهاية

فى النهاية اعزائى منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم، مر الألم العضلي الليفي برحلة طويلة من الغموض حتى الفهم ، وبفضل جهود العلماء والأطباء، أصبح الآن مرضًا معترفًا به عالميًا، وله معايير تشخيصية واضحة وخطط علاجية فعالة تساعد على التخلص من تلك الأعراض المزعجة بشكل تدريجى ، ومع تزايد الوعي، لم يعد ينظر إلى المصابين به على أنهم متهمون، بل كمقاتلين يواجهون ألمًا مزمنًا بشجاعة وصبر ، وبشكل عام معرفة متى تم اكتشاف الألم العضلي الليفي ليست مجرد معلومة تاريخية، بل هي تذكير بأهمية الإيمان بمعاناة المريض والبحث عن أسبابه الفيبروميالجيا العلمية ، واليوم، يتجه الطب الحديث نحو مزيد من الفهم والتعاطف، لإعطاء كل مريض حقه في الرعاية والأمل ، لمزيد من التفاصيل يمكنك مراسلتنا عبر وسائل التواصل الاجتماعى لـ زمردة لمزيد من الدعم المناسب للمرأة والطفل .